مكتبة الإسكندرية تطلق حملة الـ 16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة تحت شعار "اتحدوا لإنهاء العنف الرقمي في الرياضة"
تاريخ النشر
أطلقت مكتبة الإسكندرية فعاليات حملة "الستة عشر يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة"، بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة وبمشاركة هيئة الأمم المتحدة للمرأة، تحت شعار "اتحدوا لإنهاء العنف الرقمي ضد النساء"، مع تسليط الضوء هذا العام على التحديات التي تواجه النساء والبطلات في المجال الرياضي.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد الأستاذ الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، أن معاناة المرأة من العنف والتهميش والسيطرة الذكورية هي "قضية عالمية" لا تقتصر فقط على المجتمعات النامية، مشيرًا إلى أن المرأة تمتلك قوة هائلة تمكنها من هندسة المنظومة الأسرية.
وحذر مدير مكتبة الإسكندرية من خطورة "العنف الرقمي" باعتباره شكلًا مستحدثًا من أشكال العنف الذي يقتحم الحياة الخاصة عبر الأجهزة الإلكترونية، مطالباً بضرورة تجاوز مجرد تنظيم الفعاليات إلى تقديم "بيانات وإحصاءات دقيقة" تدعم صانعي القرار، وتوفر بيئة رقمية آمنة ومطمئنة للنساء والفتيات.
وألقت الدكتورة ميادة عبد القادر، عضو المجلس القومي للمرأة، كلمة نيابة عن المستشارة أمل عمار، رئيسة المجلس، نقلت فيها تحياتها وتأكيدها على الإرادة السياسية الواضحة في مصر لدعم المرأة وحمايتها، مستشهدة بدستور 2014 الذي يكفل حماية المرأة من كافة أشكال العنف، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة 2015.
وأشارت "عبد القادر" إلى أن حملة هذا العام تركز على "العنف الرقمي" باعتباره أسرع الأنماط انتشاراً وأشدها تأثيراً على النساء والفتيات، مؤكدة أن المجلس يقف كحائط صد من خلال مكتب شكاوى المرأة (عبر الخط المختصر 15115) وفروعه بالمحافظات، ووحدات مكافحة العنف بالجامعات ووزارة الداخلية، لتقديم الدعم القانوني والنفسي اللازم للضحايا، فضلاً عن إطلاق حزمة الخدمات الأساسية للنساء المعنفات.
من جانبها، حذرت الدكتورة سلمى ناصر، ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة، في كلمتها الافتتاحية، من أن العنف القائم على التكنولوجيا لم يعد مجرد ظاهرة افتراضية، بل تحول إلى "منظومة عنف جديدة" تخترق خصوصية البيوت وتهدد السلامة الشخصية، مشيرة إلى الإحصاءات المقلقة التي تظهر تعرض ما بين 16% إلى 58% من النساء عالمياً للعنف الرقمي، وأن نصف النساء في المنطقة العربية لا يشعرن بالأمان عبر الإنترنت.
وسلطت الضوء على معاناة البطلات الرياضيات اللاتي يقفن في الصفوف الأمامية لهذه العاصفة، حيث يواجهن حملات تنمر وتحريض قد تصل آثارها النفسية إلى حد الانتحار، مما يستوجب تكاتفاً مجتمعياً لحماية حضورهن الرقمي.
تضمنت الاحتفالية حلقة نقاشية موسعة أدارتها الدكتورة سلمى ناصر؛ أخصائية برنامج إنهاء العنف ضد المرأة، استهلتها بالتأكيد على أن العنف القائم على التكنولوجيا أصبح "منظومة عنف" تخترق البيوت، حيث استعرضت الدكتورة المهندسة سماء سلطان، بطلة السباحة ونائبة رئيس منطقة الإسكندرية للسباحة، تجربتها الحية مع التنمر الإلكتروني والمجتمعي.
وأشارت إلى أنها واجهت منذ صغرها تعليقات سلبية طالت شكلها وطول قامتها، وتطورت مع الوقت لتصبح انتقادات لملابسها الرياضية أو استنكاراً لاستمرارها في الرياضة بعد الزواج والعمل، مؤكدة أن وسيلتها الوحيدة للمواجهة كانت "العناد الإيجابي" وتحويل هذه الإحباطات إلى وقود لتحقيق البطولات ورفع علم مصر، لتصبح قدوة للأجيال الجديدة من السباحات الصغيرات.
وفي السياق ذاته، تناولت الأستاذة الدكتورة جيداء جواد حمادة، أستاذة الأدب الإنجليزي وبطلة الترياثلون، الجانب الثقافي والمفاهيم الخاطئة، موضحة أن أخطر ما في العنف الرقمي هو استهانة المجتمع به واعتباره "مجرد كلمات"، بينما هو يترك ندوباً نفسية قد تفوق الأذى الجسدي، منتقدة بشدة "ثقافة اللوم" التي تُحمّل الضحية مسؤولية التعرض للتحرش أو التنمر بسبب ملابسها أو صورها، خاصة في الرياضات التي تتطلب أزياء محددة، ومحذرة من أن هذا العنف قد يتطور من تعليقات مسيئة إلى "مطاردة إلكترونية" تهدد الحياة الواقعية للاعبات، مما يستدعي تشجيع الضحايا على عدم الصمت والإبلاغ الفوري.
ومن المنظور النفسي، أوضحت الدكتورة مريم عبد الرؤوف، أخصائية الصحة النفسية، أن العنف الرقمي يسلب الضحية شعورها بالأمان حتى داخل منزلها، حيث يلاحقها التهديد عبر هاتفها الشخصي، مما يولد حالة من القلق الدائم والخوف من الفضيحة، مشددة على ضرورة بناء "المرونة النفسية" لدى اللاعبات من خلال دعم الأسرة والمؤسسات الرياضية، بدلاً من لومهن على استخدام التكنولوجيا، وضرورة تصديق مشاعر الضحية والتعاطف معها لكسر دائرة العزلة التي يفرضها المعتدي.
وعلى الصعيد المؤسسي والرقابي، كشفت الأستاذة الدكتورة ماجدة الشاذلي، مقرر فرع المجلس القومي للمرأة بالإسكندرية، عن وجود تجاوزات قد تصدر من بعض المدربين تجاه الأطفال واللاعبات، منتقدة خوف بعض الأسر من الإبلاغ حفاظاً على مستقبل أبنائهم الرياضي، وطالبت بضرورة التأهيل النفسي والتربوي للمدربين وعدم الاكتفاء بالشق الفني، مؤكدة أن المجلس يفتح أبوابه لتلقي الشكاوى عبر الخط المختصر 15115 لدعم الضحايا قانونياً ونفسياً.
واختتمت الحلقة بتوضيح الشق القانوني مع الدكتورة ميادة عبد القادر، عضو المجلس القومي للمرأة، التي أكدت أن القانون المصري يتصدى بقوة للجرائم الإلكترونية من خلال "قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات" لعام 2018، والذي يغطي جرائم التحرش، والابتزاز، وانتهاك حرمة الحياة الخاصة، ونشر الصور دون رضا أصحابها، وانتحال الصفة، ناصحة بضرورة الإبلاغ عن أي جريمة إلكترونية خلال مدة أقصاها 3 أشهر من تاريخ العلم بالواقعة لضمان الحق القانوني، ومحذرة في الوقت ذاته من التحديات الجديدة التي يفرضها الذكاء الاصطناعي وتقنيات التزييف العميق، مما يستلزم وعياً قانونياً مجتمعياً شاملاً.
وتزين مبنى المكتبة باللون البرتقالي تعبيراً عن التضامن العالمي لإنهاء كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات.