اليوم الثاني لمؤتمر إصلاح التعلبم في مصر بمكتبة الإسكندرية

تاريخ النشر

الإسكندرية في 10 ديسمبر–

إصلاح التعليم المدرسي والجامعي والبحث العلمي في محاور مؤتمر التعليم

في إطار فعاليات مؤتمر إصلاح التعليم في مصر بدأت صباح أمس أولى الجلسات المتوازية لمحاور المؤتمر ومن بينها محور "قضايا الإصلاح في التعليم قبل المدرسي" الذي ناقش عدة قضايا من أهمها ألا ينبغي أن يقتصر إصلاح وتطوير التعليم قبل المدرسي على فترة الالتحاق بدور الحضانة ومرحلة رياض الأطفال، بل يجب أن يبدأ الاهتمام منذ بداية اختيار شريك الحياة حيث إن بناء الفرد هو نتاج تراكمي لمجموعة من التأثيرات والخبرات السابقة أو اللاحقة التي يتعرض لها. وأشار المشاركون إلى أن فكرة تطوير التعليم قبل المدرسي ترجع إلى عدم وجود ثقافة مشتركة للتربية والتنشئة الاجتماعية في مجتمعنا، وقصور التمويل اللازم لمرحلة التعليم قبل المدرسي في ضوء أن الطفل في هذه المرحلة يُعد الاستثمار الحقيقي لتنمية المجتمع وتطوره، وأيضا ضعف الوعي بالأسس التربوية السليمة والمتعلقة بمراحل نمو الطفل ومشكلاته، وسيادة ثقافة الانصياع والطاعة والتلقين بشكل منسق، ابتداء من اختيار الزوج والزوجة إلى تنشئة الطفل من الميلاد حتى النضج وذلك سائد عبر كافة الوسائط والمؤسسات الاجتماعية والتربوية (الأسرة، المؤسسات التعليمية، المؤسسات الدينية، مؤسسات الإعلام المرئي منها وغير المرئي). وتعد مشكلة ارتفاع كثافة الأطفال بفصول الحضانة ورياض الأطفال، وقصور أعداد المعلمين المؤهلين علميا وتربويا لمرحلة ما قبل المدرسة من أهم المشاكل التي نجدها في التعليم ما قبل الجامعي.

ويرى المشاركون أن من آليات التطوير هي الدعوة إلى إدارة حوار سياسي على أعلى مستوى لتحقيق الحد الممكن من الاتفاق حول الخصائص المطلوب توافرها في المواطن المصري للتعايش مع المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية خلال نصف القرن القادم، ونشر مفهوم التربية الوالدية عبر كافة مؤسسات التنشئة الاجتماعية وخاصة أجهزة الإعلام عن طريق إعداد دورات تدريبية للعاملين في مجال إعلام الطفل، أيضا اعتماد العلم مصدرا وحيدا فيما يتعلق بكافة أوجه القصور في تنشئة الطفل ما قبل المدرسة،بالإضافة إلى ضرورة إدماج مرحلة رياض الأطفال في مرحلة التعليم الأساسي، وعدم قصر الالتحاق بكليات رياض الأطفال على الإناث فقط، فضلا عن إعطاء التسهيلات الإجرائية اللازمة لضمان مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في إنشاء المزيد من رياض الأطفال، وتفعيل قانون إلزام المؤسسات الصناعية والتجارية وأجهزة الدولة بإنشاء دور الحضانة للعاملات بها.

وفي نهاية الجلسة نادي المشاركون على ضرورة تحديد الأهداف التعليمية لمرحلة التعليم ما قبل المدرسة بحيث تتناسب مع الأهداف العالمية لتنمية الطفل وتتسم بمرونة التطبيق لتتوافق مع الاحتياجات المحلية، وضم مرحلة رياض الأطفال ضمن التعليم الأساسي، واعتماد التمويل اللازم لمرحلة التعليم قبل المدرسي بما أن الطفل في هذه المرحلة يعد الاستثمار الحقيقي لتنمية المجتمع. أيضا لابد من إعطاء التسهيلات الإجرائية اللازمة التي تضمن المشاركة المجتمعية الفعالة في إنشاء المزيد من رياض الأطفال لزيادة نسب الالتحاق (من خلال التبرعات أو الأسهم التعاونية) وكذلك المشاركة المجتمعية في ضمان جودة التعليم برياض الأطفال، عدم قصر الالتحاق بكليات رياض الأطفال على الإناث فقط حيث إن "التربية علم" ولا ترتبط بغريزة الأمومة أو الأبوة.

من المحاور التي دارت حولها المناقشات اليوم، محور "التعليم قبل الجامعي" وذلك بحضور الدكتور احمد جمال الدين موسى وزير التعليم والدكتور حسام بدراوي رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب، الذي أكد أن الأهداف الداخلية للعملية التعليمة الواجب تحقيقها والوصول إليها تتعلق بالجودة والهوية وزيادة قدرة الخريجين التنافسية محلياً ودولياً، الأمر الذي يمكن تحقيقه من خلال تطبيق اللامركزية في النظام والمؤسسات التعليمية، وأيضاً من خلال حل المشكلات البسيطة التي تواجه الأسرة المصرية مثل الدروس الخصوصية والامتحانات العامة، وأيضاً من خلال توسيع قاعدة المشاركة المجتمعية بالنسبة للتعليم قبل الجامعي

بدأ المشاركون في المحور المناقشة بالتأكيد على أن قضية التعليم تعد شاغلاً أساسيا داخل قضايا الإصلاح الاجتماعي، وأنها قضية جوهرية لإحداث التنمية المستدامة لأي مجتمع وتحقيق التقدم والرفاهية المنشودة. علاوة على ذلك فإن المشاركة المجتمعية في كافة قضايا الإصلاح أمر حتمي لابد منه، فمن ناحية يرى المجتمع المدني أن قضايا الإصلاح نهج أساسي يجب تبنيه، لاستكمال دوره وتوسيع قاعدة مشاركته، ومن ناحية أخرى ترى الحكومة أنه لا مناص من وجود دور فاعل للمجتمع المدني في إدارة شئون المجتمع جنبا إلى جنب مع كل من الحكومة والقطاع الخاص.

وأكد المشاركون على أن تطبيق اللامركزية يتمثل في مجموعة من الأبعاد من بينها أن يكون هناك منهج قومي يمثل وحدة المناهج الأساسية التي تقدم للطالب في كل مرحلة يلتزم بدراسته جميع الطلاب المصريين، ويجوز أن تضع الوزارة أكثر من منهج قومي واحد للسنة الدراسية بحيث تكون البدائل متصاعدة من حيث المستوى، وبالنسبة للكتب المدرسية فيجب تأليف كتب المنهج القومي مركزياً، ويجوز أن يكون هناك أكثر من كتاب يحقق أهداف المنهج القومي ويترك للوحدة اللامركزية أو المدرسة الاختيار من بينها. وفي كل الحالات يجب توفير الكتاب المرجعي على أقراص مدمجة للراغبين في استخدامها، كما يتم تخزين صورة من كتاب العمل على أجهزة الكمبيوتر. كما أنه من المحتم عند الانتقال إلى شكل جديد من الإدارة فتح الباب أمام الأفكار الجديدة والمبتكرة بجانب الالتزام بأساسيات الإدارة الحديثة من حيث الكفاءة والقدرة، مع المحاسبة والمساءلة وقياس النتائج. بالإضافة إلى تقييم أداء المعلمين والعاملين بشكل أفضل، على أن يكون ذلك عائداً على المتميزين منهم مباشرة بالفائدة الأدبية والمادية بدلاً من توزيع المكافآت بشكل عام على الجميع بغض النظر عن مستوى أدائهم أو نتيجة عملهم.

وأخيراً إنشاء صندوق محلي لدعم التعليم تكون موارده من تبرعات أو مبيعات لمنتجات من قطاعات التعليم الفني أو لمواد تعليمية تنتجها الوحدة أو موارد أخرى محلية.

أما موضوع تحقيق مبدأ الجودة الشاملة في التعليم فأكدت المناقشات انه يمكن الوصول إليه من خلال إنشاء هيئة وطنية مستقلة لاعتماد وضمان جودة التعليم وترتبط بالهيئات المماثلة في العالم، وذلك كوسيلة متعارف عليها لضمان جودة تقديم الخدمة التعليمية على مستوى المؤسسة التعليمية. وترى أن وجود هذه المؤسسة حيوي في التأكد من تطابق قدرة كل مؤسسة تعليمية لأهدافها المعلنة. وأيضاً من خلال الأخذ بالأسلوب العلمي في وضع المناهج والمعمول بها الآن يحتاج إلى تطوير وتقييم. وتتجه الرؤية إلى إصدار تقرير سنوي عن المناهج العربية بشكل مقارن مع الدول الأخرى، والنظر في طرح عدد من المناهج المختلفة يتناسب مع درجة اعتماد المؤسسات التعليمية مما يخلق رؤية جديدة، فيها منافسة للعمل على الارتقاء والتطوير بين المؤسسات التعليمية وبين التلاميذ.

وبالنسبة لمشاكل الأسرة وخوفها من مواجهة الامتحانات العامة دعت المناقشات إلى إن هذا حل هذه المشكلة لا يمكن أن يتم بشكل نهائي وفعال بدون تنفيذ خطة التطوير، إلا أن مضاعفة عدد الأماكن في المرحلة الثانوية وفي الجامعة لاستيعاب التلاميذ الذين أنهوا المرحلة الإعدادية والثانوية، وإعطاء مميزات جاذبة للالتحاق بالتعليم الفني قد يعطي أثراً سريعاً في تخفيض حدة التوتر والقلق في المجتمع.

كذلك فإن تغيير شكل الامتحانات وأسلوب التقييم وتطويره ذو أثر بالغ في كل الحالات، وهناك أفكار حول امتداد صلاحية الشهادة العامة لأكثر من عام وهو أمر له إيجابياته وتحدياته ويستحق المناقشة والتداول.

أيضا ناقش المجتمعون بمحور " التعليم الجامعي والعالي" نقاط القوة ونقاط الضعف في التعليم الجامعي والعالي باعتباره ضرورة قومية، فهو بمثابة قاطرة التقدم التي تقود المجتمع إلى تحقيق أحلامه وأمانيه. وفي الوقت نفسه، أكد المشاركون على أهمية التأثير المتبادل بين الجامعة والمجتمع، فالكثير من مشاكل الجامعة يرجع إلى مشاكل المجتمع، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، كما أن تلكؤ إيقاع الجامعة في التطور، وتخلّفها عن اللحاق بركب التقدم ينعكس بآثاره الضارة على المجتمع ويسهم في تخلفه. ولذلك فإن أي مواجهة جذرية لمشكلات الجامعة هي في الوقت نفسه مواجهة حقيقية لمشكلات المجتمع. أيضا نادى المشاركين بضرورة التركيز على الجامعة، من حيث أهميتها وأدوارها، وذلك بما يضمن المسار الصاعد للأمة على طريق التقدم العلمي والتطور الفكري وتشجيع الطاقات الإبداعية على الازدهار. والهدف هو مجاوزة الواقع الاجتماعي السياسي الفكري العلمي بما يحقق الأماني القومية ويتصدى لمشكلات المجتمع وعوائق التقدم.

كما دعا المشاركين بضرورة استقلالية الجامعات إداريا وماديا، وأهمية التنسيق بين التعليم الجامعي والتعليم قبل الجامعي لتأهيل الطلاب بما يتناسب ومتطلبات التعليم، وتطوير الدراسات العليا بحيث تصبح مصدرا لتخريج أجيال جديدة من الباحثين المتميزين، وأعضاء هيئة التدريس والبحث المؤهلين، وربط البحث العلمي الأكاديمي بتنمية المجتمع.

بالإضافة إلى ذلك لابد من توفير سبل تنمية القدرات العقلية والإبداعية وتشجيع التفكير العلمي الخلاق بعيدا عن آليات النقل والتلقين والتقليد، والاهتمام بتطوير تعليم اللغات الأجنبية فهي نوافذ المعرفة المعاصرة، وذلك جنبا إلى جنب العناية بإتقان اللغة القومية إلى جانب اللغات الأجنبية.

وفي نهاية الجلسة أكد المجتمعون علي ضرورة زيادة الدافعية الذاتية لدى الطلبة للتعلم حيث يجب أن يكون نجاح الطالب في دراسته هو محور النشاط التعليمي في كل كلية. وبهذا يجب أن يتطور المناخ التعليمي ليحقق هذا الهدف بتبنّي سياسات تعليمية جديدة مثل إتباع أساليب تعلّم غير تقليدية، تدفع الطالب إلى اكتشاف حقائق ومعارف معينة، وتعطي له مزيدا من المسئولية في التعلم، وتتيح له فرصة التعاون والمشاركة مع أستاذ المقرر الدراسي ومع زملائه من الطلبة في نفس الوقت، واستحداث مقررات دراسية خاصة في السنة الأولى من التحاق الطلبة بالجامعة تساعد الطالب على زيادة فعالية وكفاءة جهوده التعليمية مثل إدارة الوقت ومهارة التفكير والتفكير الناقد ومهارة الاتصال، وأخيرا توفير إرشاد أكاديمي فعال للطلبة.

أما محور إصلاح البحث العلمي الذي بدأ بحضور الدكتور عمرو سلامة وزير التعليم العالي والبحث العلمي، فقد بدأ في نفس الوقت بالتأكيد على ضرورة العمل على رفع الطلب المجتمعي للبحث العلمي لأن المجتمع هو الذي يدفع هذا البحث وليس العكس، بالإضافة إلى توجيه مؤسسات الدولة المرتبطة بالتعليم والثقافة والإعلام لتهيئة المناخ المناسب، بالإضافة إلى إعادة النظر في الرغبات التعليمية وإعادة هيكلتها لأنها النافذة التي نظل منها على العالم المتقدم.

وبالنسبة لموضوع مقومات البحث العلمي والتنمية التكنولوجية، قام الحاضرون بالمحور بمناقشتها بشيء من التفصيل ومنها السياسات والخطط، والقدرات البشرية، والتمويل، والإمكانات البحثية، والتنمية التكنولوجية، مشيرين إلى أنه لا توجد سياسة واضحة ومعلنة بالنسبة للبحث العلمي والتنمية التكنولوجية – مما جعل هذا القطاع هامشيا – وجعل إسهامه في التنمية غير محسوس. كذلك لا توجد خطط بحثية على المستوى القومي أو المؤسسي أو تحت المؤسسي أو القطاعي باستثناء جهود متفرقة وخطط محدودة كتلك التي تصنعها المجالس واللجان النوعية بوزارة الدولة للبحث العلمي أو أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا وعدد محدود من الأماكن والمعاهد البحثية والتي تحتاج أيضا للتطوير ودعم التمويل والتحرر من اللوائح الجامدة.

وبالنسبة للتمويل أشارت المناقشات إلى أن الرقم المعلن مؤخرا عن مخصصات البحث العلمي والتنمية التكنولوجية في مصر هو 0.79% من الدخل القومي – ولكن المتاح الفعلي أقل من ذلك بكثير، وهو متناثر، وغير موجه في معظمه، والجزء الأكبر منه يدرج لسداد المرتبات وما في حكمه.

وقدم المشاركون مجموعة من الرؤى المستقبلية ومقترحات للتطوير والإصلاح من بينها وضع سياسات وخطط قومية للإصلاح فعلى الدولة أن تضع سياسة ورؤية مستقبلية واضحة ومعلنة للبحث العلمي والتكنولوجيا تتمشى مع احتياجات المجتمع، وأن توفر لها الإمكانات والظروف المناسبة لإنجاحها، وأن يسند إلى أكاديمية البحث العلمي بالتعاون مع الوزارات المعنية ترجمة سياسة الدولة إلى خطط قومية لتحقيق أهداف محددة يشارك المختصون في وضعها ويخصص لها التمويل المناسب وفق خطة زمنية محددة، وأن يكون إسناد تنفيذ المشروعات المدرجة تحت هذه الخطط وفق نظام تنافسي موحد، وأن يوضع لهذه الخطط نظام متطور للمتابعة وقياس الأداء. كما يجب ربط البعثات بهذه السياسات والخطط القومية، وإشراك شباب الباحثين في المجالس النوعية بأكاديمية البحث العلمي والمجالس القومية المتخصصة وأيضا في اللجان والمؤتمرات التي تناقش قضية البحث العلمي وتطويره، وربط العلماء المصريين بالخارج مع سائر مؤسسات الدولة المعنية بالبحث والتطوير عن طريق عضوية لجان، إشراف، مشاريع مشتركة.

قضايا الإصلاح في برامج التدريب ومحو الأمية وهوية التعليم في محاور مؤتمر التعليم

أختتم اليوم الثاني من أيام مؤتمر إصلاح التعليم في مصر بعدد من الجلسات المتوازية والتي دارت حول عدد من القضايا من بينها "محو الأمية وتعليم الكبار"، حيث أكدت المناقشات انه يجب أن يكون على قائمة أولويات إصلاح التعليم من خلال خطة قومية غير تقليدية مثلما حدث في دول مثل الصين التي اتبعت أسلوب محو الأمية عن بعد حيث قامت بعمل خطة لمحو أمية الفلاحين في حقولهم بالإضافة إلى أن المدارس كانت تقوم بمحو أمية أولياء أمور التلاميذ الموجودين بالمدرسة. ومن بين المقترحات التي قدمها المشاركون في المحور جعل محو أمية الكبار وتعليمهم هدف قومي للجمعيات الأهلية لمدة عام أو عامين، بالإضافة إلى تفعيل القوانين المتخذة من قبل في هذا الموضوع وتفعيل أنشطة الهيئة العامة لمحو الأمية ، وإنشاء صندوق لتمويل والتبرع لمحو الأمية في كل محافظات جمهورية مصر العربية.

وأشارت المناقشات إلى أن محو الأمية مبدأ تنموي وعمل سياسي، إذ تشير الأمية في تحليلها النهائي إلى أمية مجتمع متخلف، ودالة لنمط حضاري، ومن شأن هذا الفهم أن يقودنا إلى التأكيد على أن جهود محو الأمية ليست مقصورة على المؤسسات التعليمية، بل إنها مسئولية مجتمعية تشارك فيها كافة التنظيمات الشعبية والتطوعية الرسمية بهدف القضاء على التخلف.

فمحو الأمية عمل سياسي غير محايد يستهدف إكساب الأفراد مهارات تحليلية ونقدية تسهم في زيادة الوعي بالواقع الاجتماعي وتناقضاته، وتكشف الظلم، وترد القهر والاغتراب، وتعوق كل ما لا يشترك الأفراد في اتخاذ إجراءاته، وبالتالي تعمل على إحداث إصلاح مجتمعي مقصود وفعال.ومن هنا، فإن أهمية المشاركة الشعبية التطوعية، تتجاوز مجرد الممارسة السياسية المحددة، لتصبح في جوهرها عملية تربية وطنية لأفراد المجتمع، تتم بصورة حياتية يومية، تكفل تعميق ولاء الأفراد للمجتمع.

وأكد المشاركون في المحور على أن آليات الإصلاح في مجال محو الأمية وتعليم الكبار يمكن أن تلخص في بعض نقاط منها التنسيق بين كافة الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بمحو الأمية على نحو يكفل التعاون المستمر بينهما لتحقيق أهدافها، والمناهج الخاصة ببرامج محو الأمية بما يتلاءم مع الظروف الراهنة والاحتياجات الحياتية للأميين، واستحداث شعب جديدة بكليات إعداد المعلم خاصة بإعداد معلم محو الأمية.

واختتم المحور أعماله بالتأكيد إننا في حاجة إلى رؤية أكثر تجمعا وجدية من أجل تحقيق عدد من عناصر النجاح لمقاومة الأمية ومحوها، وينبغي أن نمتلك الوسائل المناسبة من أجل تحقيق هذه الغاية وذك بتدعيم تمويل برامج محو الأمية للكبار، والتخطيط لعملية محو أمية الكبار، وإعداد وتدريب معلم محو الأمية وتعليم الكبار، ودعم الجهود الأهلية والتعاون المشترك بينها في سبيل محو الأمية وتعليم الكبار، وتطوير التشريعات بظاهرة الأمية، وبحث مظاهر الهدر في الموارد المالية والبشرية الخاصة بجهود محو الأمية، وتفعيل الحملات الإعلامية للمساهمة في جهود مكافحة الأمية، ودراسة وتقييم كافة التجارب غير النمطية والتي تتبع حاليا للحد من هذه الظاهرة مثل: "المدارس الصديقة للفتيات" مدارس الفصل الواحد وغيرها من الجهود.

أما المحور الثاني فدار حول "دور المكتبات في تطوير التعليم والبحث العلمي" حيث بدأوا بعرض المشكلات التي تواجه المكتبات في مصر مشيرين إلى أنها تفتقر إلى الوسائل التي تمكنها من الاضطلاع بدورها في العملية التعليمية، فهي تعاني من عدم التطوير في الخدمات المقدمة للمستفيدين وتفتقر إلى البنية التحتية من تكنولوجيا معلومات وشبكات وأجهزة حاسب، وتعاني من مشاكل تتعلق باقتناء الكتب والمصادر، سواء من حيث اختيار هذه المصادر وتكوين المجموعات، أو من حيث طرق وأساليب الاقتناء ذاتها، ثم عرضوا للاستراتيجيات الجديدة للحد من المشكلات الراهنة للمكتبات وكذلك إتباع سياسة الاقتناء الجماعي عن طريق تكوين التكتلات والتجمعات consortia بهدف تكوين جبهة في مواجهة الناشرين ترغمهم على خفض أسعارهم والتنازل عن شروطهم التعسفية وقبول التفاوض بشأن اتفاقيات الترخيص

ضرورة التنسيق لاقتناء المصادر والكتب بهدف تفادي تكرار المجموعات وإهدار الميزانية في اقتناء نفس المصادر بدلا من التنوع في المجموعات، ويتم ذلك بأن تحاول المكتبات التابعة لمنطقة جغرافية واحدة أو لجامعة واحدة أن تنسق فيما بينها في شراء الكتب والمصادر والاشتراك في الدوريات العلمية، بحيث لا تكرر نفس المجموعات، وتلجأ إلى الإعارة بين مكتبات المنطقة أو الجامعة الواحدة لتلبية حاجة المستفيدين على مستوى الجامعة أو المنطقة الجغرافية، وبذلك تتسع قاعدة الاقتناء مع ترشيد الإنفاق.

كما عرضت مناقشات المحور لدور ومساهمة المكتبات في التعليم والبحث العلمي باعتباره أمراً ضروريا وأساسيا مشيرين إلى أهمية أن تأخذ المكتبات في كل أهدافها وبرامجها الدور الذي يمكن أن تؤديه في مساعدة برامج التعليم والبحث العلمي في الوصول إلى أهدافها كما يمكن في مجال الخدمات المكتبية الاستعانة بالمتطوعين بعد تدريبهم للعمل في مجال المكتبات إلى جانب العاملين الأصليين في المكتبات وأن تقيم المكتبات شراكات حقيقية مع كل مؤسسات المجتمع وبصفة خاصة مؤسسات المجتمع المدني لتحقيق إدراج المكتبات ووظيفتها. مشيرين إلى إن دور المكتبات في تطوير التعليم والبحث العلمي لن يتم بشكل سليم إلا إذا خصصت المؤسسات التعليمية الموارد الكاملة في ميزانيتها للمكتبات وأن تشجع رجال الأعمال والشركات الكبرى على التبرع للمكتبات بتبني مشروعات مثل مشروعات المكتبات الرقمية وفي تمويل اقتناء الكتب والمصادر والقيام بتدريب الكوادر في المكتبات على إعداد مقترحات لتمويل مشروعات بهدف تطوير خدمات المكتبات أو اقتناء المجموعات.

وحول موضوع "قضايا الإصلاح في برامج التدريب والتأهيل المهني والتعليم " دارت مناقشات المحور الثالث الذي ناقش عدة قضايا من أهمها الوضع الراهن في مراكز التدريب فبالرغم من انتشار مراكز التدريب في محافظات الجمهورية وتجهيزها بشكل جيد ووجود بنية تحتية جيدة إلا أننا نفتقر إلى حسن توظيف الإمكانات البشرية المؤهلة تأهيلا جيدا، على القيام بعملية التدريب، وتفتقر الجهات المنوطة بالتدريب إلى رؤية واضحة تؤدي إلى التنسيق بينها. كذلك الحال بالنسبة لبرامج التدريب بالرغم من وجود برامج تدريب معدة من قبل المتخصصين إلا أن هذه البرامج لم تأخذ في الاعتبار الربط بينها وبين برامج إعداد المعلم، فمازالت برامج التدريب وإعادة التأهيل تفتقر إلى التركيز على احتياجات السوق إقليميا وعربيا ودوليا.

ويرى المشاركون أن إذا كانت وزارة التربية والتعليم تتبنى التدريب لرفع كفاءة المعلم فإن اعتماد منظمات مجتمع الأعمال على التنمية المهنية شبه منعدم على الرغم من توافر بنية تحتية ومراكز تدريب كما تفتقر سياسات التدريب إن وجدت في بعض المنظمات إلى قياس احتياجات التدريب لتحرير المهارات المطلوبة للأداء الفعال للأعمال وقد تلجأ هذه المنظمات إلى شراء برامج جاهزة بغض النظر عن مدى ملائمتها لاحتياجات المنظمة.كما لا توجد سياسات متابعة لقياس العلاقة بين التدريب ومتابعة عملية استخدام المهارات المكتسبة.

وفي نهاية الجلسة نادي المشاركون على ضرورة وضع إستراتيجية قومية تمثل رؤية مستقبلية واضحة الأبعاد للتدريب وإعادة التأهيل تقوم على تفعيل قدرات وإمكانات الأفراد في إطار من التسامح في الفكر والسلوك والمواقف وتعميق الحوار بين الثقافات وترسيخ البعد الديمقراطي وأخذ الإبداع منهجا وأسلوبا للحياة وطريقة للتفكير.

ويرى المشاركين انه يمكن تحقيق هذه الرؤية عن طريق بناء خريطة للاحتياجات التدريبية لفئات العاملين في التربية وتصميم البرامج التدريبية في ضوئها، وحسن توظيف الإمكانات البشرية المؤهلة تأهيلا جيدا على القيام بعملية التدريب وتمويل كوادر تدريبية جديدة وهذا يتطلب عمل قاعدة بيانات عن المدرسين في المجالات والتخصصات المختلفة، وتوفير أساليب التعليم الذاتي والتدريب، فضلا عن تحديث برامج التدريب بما يتمشى مع التغير في أدوار المعلم وتطويرها وفقا لمتطلبات العصر والاحتياجات التدريبية من حيث أهداف البرامج التدريبية، وإستراتيجية التدريب، ومعنيات التدريب وتحديثها وتطويرها، وأدوات تقويم البرامج وقياس العائد منها.

أما المجتمعون بمحور " قضايا الإصلاح في هوية التعليم" فيروا أن فلسفة التعليم تعتمد في أي مجتمع على إبراز هويته الوطنية وتمثيل العناصر الأساسية في ثقافته وتحديثها لكي تتسق مع منظومة الفكر العلمي وتحقق دورها في تكوين الشخصية، على اعتبار أن هذا الهدف الأخير أخطر ما يمكن تصوره في بناء أية أمة، ومن هنا كان لابد من الحرص الشديد على ألا تترك عملية التربية والتكوين للصدفة والتلقائية بغير تخطيط منهجي مدروس، كما دعا المشاركين إلى ضرورة توحيد التعليم الأساسي فيما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية والإعدادية، بما يضمن بناء شخصية المتعلم بتزويده بالمبادئ الضرورية في العلوم والمعارف، وإكسابه المهارات اللغوية القومية والأجنبية، والقدرات اللازمة لاستخدام التقنيات الحديثة لاكتشاف ميوله اللاحقة وتفجير طاقاته الإبداعية دون الاعتماد على الحفظ والتلقين، مع مراعاة التدرج في تحقيق هذا التوحيد تفاديا لما يمكن أن يترتب عليه من صدمة مجتمعية نظرا لقدم المؤسسة الدينية التي ترعاه وهي الأزهر الشريف، وذلك عن طريق التقارب المنهجي بجرعات متتالية تزيد من حجم الدراسات اللغوية والدينية في المدارس المدنية وتفعيل دراسة اللغات الأجنبية والمواد المدنية في التعليم الديني، ثم إنشاء مدارس مشتركة يمكن مواصلة التعليم الديني والمدني بعدها على السواء. مع إدماج المدارس الأجنبية والخاصة في هذا النسق عن طريق مراجعة مناهجها والرقابة التربوية على مراعاتها للعناصر الأساسية في تكوين الشخصية الوطنية طبقا لما تتخذه الدول التي تعتز بثقافتها في هذا الصدد، مما يتطلب رفع مستوى المؤسسات المصرية وكفاءتها في التنافس.كما يقتضي هذا التوحيد إخضاع معايير اختيار المعلمين والمباني التعليمية إلى جانب المناهج للشروط التربوية الضرورية المشتركة تمهيدا لهذا التوحيد على المدى المتوسط.

وفي نهاية الجلسة أكد المجتمعون علي ضرورة تخصيص بعض المناهج الثانوية للتعليم الديني في المدارس المدنية إلى جانب المدارس الفنية من صناعية وزراعية وتجارية للبدء في تعميق المحتوى المعرفي لهذا التخصص حتى يمكن لهذه الدراسات الدينية أن تغذي الكليات الجامعية الأزهرية بالطلاب المؤهلين لهذا النوع من التعليم، على أن يكون ذلك في صيغة "شعبة" داخل المدرسة الثانوية العامة، مثلها مثل شعب الرياضيات والآداب والعلوم، على أن يتم ذلك أيضا بشكل تدريجي عقب تحديث المناهج في التعليم العام وتطبيق نظام المقررات وتحسين مستوى الأداء برفع مرتبات المدرسين وتحديث الأجهزة التعليمية بما يمثل نقلة نوعية للتعليم الأزهري يرحب بها العاملون فيه لما يتضمنه من مكاسب مهنية ومميزات مادية تجعلهم يدركون تقدير المجتمع لهم وحرصه على رعايتهم، ومن الممكن أن يكون هذا الاندماج اختياريا في مراحله الأولى قاصرا على المعاهد والمدارس النموذجية، فإذا نجحت التجربة واقتنع بها المجتمع أمكن تطبيقها على جميع المدارس والمعاهد.


شارك